يقول الشيخ العريفي حفظه الله :
قبل عشر سنوات ..
في أيام الربيع ، وفي ليلة باردة ، كنت في البر مع اصدقاء ..
تعطلت إحدى السيارات ، فاضطررنا إلى المبيت في العراء !
أذكر أنا اشعلنا نارًا تحلقنا حولها ، وما أجمل احاديث الشتاء في دفء النار !
طال مجلسنا فلاحظت أحد الإخوة انسل من بيننا .. كان رجلا صالحا ، كانت له عبادات خفية ،
كنت أراه يتوجه إلى صلاة الجمعة مبكرا ، بل أحيانا وباب الجامع لم يفتح بعد !
قام وأخذ إناءً من ماء ، ظننت أنه ذهب ليقضي حاجته ..
ابطأ علينا .. قمت أترقبه ، فرأيته بعيدا عنا ..
قد لف جسده برداء من شدة البرد وهو ساجد على التراب !
في ظلمة الليل ، وحده . .
يتملق ربه ويتحبب اليه !
كان واضحًا انه يحب الله تعالى !
وأحسب أن الله يحبّه ايضًا !
أيقنت أن لهذه العبادة الخفيه عزاً في الدنيا قبل الأخرة . .
مضت السنوات ، وأعرفه اليوم /
قد وضع الله له القبول في الأرض ، له مشاركات في الدعوة وهداية الناس . .
إذا مشى في السوق أو المسجد رأيت الصغار قبل الكبار يتسابقون إليه مصافحين ومحببين ..
كم يتمنى الكثيرون من تجار وامراء ومشهورين أن ينالوا في قلوب الناس مثل مانال ،
ولكن هيهاااات !
( إن الذين يعملون الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودًا )
أي يجعل لهم محبةً في قلوب الخلق ..
إذا احبك الله جعل لك القبول في الارض !
قال صلى الله عليه وسلم :
" إن الله إذا أحب عبدًا نادى جبريل فقال : إني قد أحببت فلانًا فأحبه ..
فيحبه جبريل .
ثم ينادي في أهل السماء : أن الله يحب فلانًا فأحبوه ، فيحبه أهل السماء ..
قال : ثم تنزل له المحبة في أهل الارض !
فذلك قول الله تعالى :
( إن الذين ءامنو وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودًا )
وإذا أبغض الله عبدًا ؛ نادى جبريل : إني أبغضت فلانا فأبغضه !
فيبغضه جبريل .
ثم ينادي في أهل السماء : أن الله يبغض فلانا فأبغضوه !
فيبغضه أهل السماء .
ثم تنزل له البغضاء في الأرض ! "
آآآآه .. ماأجمل أن تعيش على الأرض ..
تأكل ، وتنام ، والله ينادي باسمك في السماء :
( اني أحب فلانا فأحبوه ) !
والعبادة الخفية أنواع ، منها /
الحفاظ على صلاة الليل ..
ولو ركعة واحدة وترًا كل ليلة تصليها بعد العشاء مباشرة ، أو قبل أن تنام ، أو قبل الفجر ؛ لتكتب عند الله من قوام الليل !
قال صلى الله عليه وسلم :
" إن الله وتر يحب الوتر ، فأوتروا يـا أهل القرآن "