وهذا ردي المتعدد الفقرات:
[1]
رأيك هو ما أنتظره أخي الحبيب مصطفى، وأرجو أن تصبر معي وتستمر حتى نخرج بنتيجة على أن نتغيا معا الحقيقة لا الهوى والتعصب للرؤية غير المؤسسة.
ما أدواتنا؟
- الوقوف مع حقائق الأشياء لا مع ما نتوهمه عنها.
- الوقوف مع دلالات الألفاظ كما تقولها اللغة العامة أو اللغة الخاصة بفن من الفنون فيما يعرف بالاصطلاحات.
تحديد مصادر الفِكَرِ والْفِكْرِ للكلام الذي نطرحه.
[2]
لنبدأ أخي الحبيب، وستكون البداية وقفة تفصيلية مع نصك!
(1)
قلتَ: اسمحو لي أن أدلي برأيي المتواضع في هذا الموضوع، لأقول بأن الأدب يراهن على الحرية و الدين يراهن على الحدود.
أقول: ما معنى يراهن أخي الحبيب؟ وهل يراهن الدين؟ وهل يتسع الأدب حتى يتغيا الحرية ويضيق الدين حتى ينحصر في الحدود؟
ما دليلك العقلي والشرعي والأدبي على هذا الادعاء؟
(2)
قلتَ: الأدب يسبح في النسبية و الدين في المطلق.
أقول: ناقضت ما قلتَه في الأولى.
كيف؟
كيف تكون مساحة الأدب هي الحرية ونفاجأ بأنه يسبح في النسبي الذي هو المقيد إلى شيء ما؟ وكيف تتسع مساحة الدين فجأة من الحدود إلى المطلق غير المرتب بشيء؟
... أنتظر توضيحا وتحديدا!
(3)
قلتَ: الدين يعيش في المدنس أي الحياة الدنيا ، و الدين يراهن على المقدس.
أقول: لم أفهم أخي الحبيب، فطردا لإنشائك ينبغي أن يحل الأدب محل كلمة الدين في أحد المتقابلين.
... أنتظر تصحيح اللفظ لينطلق النقاش!
(4)
قلت: الدين لا تناقش حقائقه ، الأدب يناقش كل شيء و قد يدحضه.
أقول: عدت إلى التناقض مرة ثانية.
كيف؟
ضيقت دائرة الدين ووسعت دائرة الأدب بعد أن فعلت العكس.
وأسألك أخي الحبيب: من زعم أن الدين لا تناقش حقائقه؟ ألم تطلع على علم العقيدة؟ ألم تقرأ في المذاهب الفقهية؟ ألم ...؟ ألم ...؟
كيف بعد كل ذلك يقال مثل هذه الكلام الذي يدين صاحبه بعدم القراءة في قضية كلامه؟
(5)
قلت: الدين يؤمن بالثبات، و الأدب يعنى بالتغيير.
أقول: بعد تجاوز جزئية التناقض المكررة أقول: ما دليل هذا الزعم أخي الحبيب؟ أهناك شيء يتسم بسمة واحدة في كل حقوله؟ أهذا شيء منطقي؟ أيقال بكل يسر: الدين يؤمن بالثبات، والأدب يؤمن بالتغيير؟
المنطقي أن كل شيء له ثوابت وله متغيرات، كل شيء يا حبيب. الدين والأدب والسياسة و... و... إلخ.
أنتظر تحديد الدلالات!
(6)
قلت: الأدب يؤمن بالإنسان باعتباره مبدعا و قادرا على بناء ذاته و تاريخه و العالم من حوله ، الدين يؤمن بأن الله خالق كل شيء.
أقول: هذه الثنائية غير متقابلة أخي الحبيب على ما عودتنا عليه في سابقاتها.
كيف؟
هل يمنع كون الأدب يؤمن بالإنسان مبدعا أن يؤمن الدين بخالقية الله تعالى؟ وهل تتعارض خالقية الله تعالى مع إبداع المبدع أيها الحبيب؟ وهل يعني هذا أن الوثني أوسع إبداعا من المؤمن بربه خالقا لكل شيء؟
أنتظر تصحيح الازدوج والدلالة!
(7)
قلت: الأدب متسامح و الدين يصنف الناس إلى مؤمنين و كفار.
أقول: ما دليل ادعائك أخي الحبيب؟ هل يخلو شيء من التصنيف؟
إن كل شيء له رؤية لا بد من أن يصنف.
كيف؟
الأدب الذي يبدو من كلامك أنه لا يصنف- يصنف الناس إلى أدباء وهم ممارسوه وغير أدباء وهم البقية، وتكون نظرته إلى الأدباء غير نظرته إلى البقية، ويتعالى من يمارس الأدب على البقية.
فهل نتهم الأدب لأنه يصنف بأنه شيء يجب أن يبتعد عنه الناس؟ إنك أخي الحبيب تلقي ما ليس بتهمة إلقاء ما هو تهمة بصورة تجعل الأمور كأنها مسلمات غير قابلة للمراجعة.
(
قلت: الدين يطلق أحكاما أخلاقية ، و الأدب أحكامه أدبية فنية.
أقول: ما دليل حصر أحكام الدين في الأحكام الخلقية؟ وهل تحكم الأحكام الأدبية الأحكام الأخلاقية؟ أم العكس؟
(9)
قلت: الدين في خدمة الله ، و الأدب في خدمة الإنسان.
أقول: وهل ينفرد الإنسان عن ربه أخي الحبيب؟ وهل يجوز أن يتجه الإنسان في بعض الأفعال إلى الله و لا يجوز في بعضها الاتجاه فيها إلى الله؟
هذه ثنائية لا ترضاها لو أعدت قراءتها أخي الحبيب؛ لذا لن أطيل!
(10)
قلت: الدين منشغل بنشر أخلاق اسلامية أو مسيحية او يهودية ، الأدب لا يهمه ذلك إنه منشغل بالقيم الانسانية الخالدة.
أقول: ما القيم الإنسانية الخالدة أخي الحبيب؟ ومن أين استقاها الأدب؟ وهل تخرج هذه القيم الإنسانية الخالدة عن الدين؟ وهل تختلف أخلاق الأديان عن القيم الإنسانية الخالدة؟
... أنتظر تحديد الدلالات!
(11)
قلت: إذن شتان بين الاثنين.
أقول: نتيجة ركبت على مقدمات غير صحيحة فخرجت غير صحيحة.
(12)
قلت: "اعطوا ما للأدب للأدب و ما للدين للدين".
أقول: جعلتهما نظيرين، ولكل منهما مساحته التي يحكم فيها بعيدا عن الآخر، بعد أن باينت بينهما سابقا أكثر من مرة.
[3]
وأقول أخيرا معبرا عن رأيي الذي أنتظر مناقشته منك ومن الإخوة والأخوات:
إن الأدب إذا صادم الدين كان ذلك دليل عجز الأديب لا محالة؛ لأن الدين لا يضيق على الإنسان لا سيما المبدع، فإذا شعر المبدع بالضيق فالضيق في أدواته. ويبقى الأدب خادما للدين كما كل نشاطات الحياة، ويشهد على ذلك الأدباء الملتزمون وهم كثر!