علي الهتاري
عدد المساهمات : 22 24/12/2010 العمر : 67
| موضوع: لتكن مستمعاً جيداً السبت 22 يناير - 21:28 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
أللهم اجعلنا في أحسن ما جئتنا به من الحق بإذنك
علمتني الحياة أن أستمع وأستمع للكل , للصغير وللكبير , للعدو وللصديق , للجاهل وللعالم , وكلاً على السواء . وقد عاب عليّ أناس من معارفي هذا الأسلوب لأنني أستمع أحياناً لأناس يعتبرونهم مثلاً متطرفين أو متعصبين أو لشباب جدد أو حتى لخطباء من الشيعة المتطرفين وذلك طبعاً من القنوات الفضائية .
ولي في ذلك فلسفة خاصة , تقول هذه الفلسفة استمع واستمع جيداً للكل وحتى استمعتُ للشيطان وتعلمت منه كيف أقسم حين قال : ( فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين ) , وانظر كيف وحّدَ الله فأقسم به بينما فينا من يُقسم بالأولاد وبالحياة وبالحرام والطلاق وغيره .
ألإستماع فنّ له فوائد كثيرة , ولم أذهب إلى صلاة جمعة إلا ووجدت فائدة في قول الخطيب مثل كلمة أو فكرة فتّحت عندي أبوابأ كانت مغلقة وإن لم تجد فستجد قصة لم تسمعها أو عبرة أو تذكرة كائنٌ من كنتَ في مستواك العلمي .
إستمع واستمع فلن تعرف الجميل إلا بمعرفة القبيح والعكس , ولا السمين إلا من الغث , والحكمة ضالّة المؤمن أين ما وجدها تمسّك بها ,
ألا ترى أنّ اللبن الخالص والسائغ يخرج من بين الفرث والدم !
إستمع واستمع ولا تستهن بمحدّثك ولا تعطي حكم مسبق فتفوّت على نفسك فرصة لاكتساب خبرة أو معرفة , ولا تفكّر في أسلوب المتكلّم فما من أحدّ منّا إلا وأعطاه الله علماً وخبرة في مجالٍ ما وإنّ الله لسائله عنه يوم القيامة ما عمل به ومن نفع به , أعرف أناساً إذا وجدوا في المتكلم لحناً إنصرفوا وقد أغلقوا أسماعهم فأحرموا أنفسهم فوائد جمّة وذلك لأنهم دخلوا للإستماع أو للقراءة بعقيدة متعصّبة مثلاً .
أعطيكم مثال حصل معي ومع طفلة في السابعة من عمرها: عادت هذه الطفلة من المدرسة يوم الخميس وكان يبدو عليها السرور والفرحة فسألتها لماذا أنت فرحة ؟ قالت وبكلّ براءة : أليوم أحسن يوم . فقلت لها وقد أدركت سبب فرحتها : غداً الجمعة أحسن يوم لأنه يوم إجازة ولن تذهبي إلى المدرسة . فقالت : مصرّة أليوم أحسن يوم . تأملت في كلامها وأدركت إنّها على حق فهي ستستمتع في هذا اليوم بدون همّ ليوم غد , أمّا يوم الجمعة فهو يوم همّ للسبت وقلت في نفسي 53 عاماً يا (علي) وأنت تحسب إنّ يوم الجمعة هو الأسعد !! . ولي موقف آخر مع هذه الطفلة وقد رأيتها تتبرّم من إبن الجيران وهو في مثل عمرها فقلت لها : مالك وهذا الولد ؟ قالت : إنّه يقول كلاما أسود . لم أفهم ما قصدت . فقلت لها كيف يعني كلام أسود . فكّرت في كلامها وأدركت إنّها تقصد ما نعنيه نحن من السّفاهة والبذائة في الكلام. تأمل معي كيف وضع الله على لسان هذه الطفلة بعض المعاني التي لم نصل لها نحن الكبار .
إنّما سقت لكم هذه الأمثلة للعبرة البسيطة ولتلطيف الجو , وأزيدكم واحدة عن تفكير الأطفال : تبرّم أحد الآباء أمام طفله الصغير قائلا أيش معنى يوجد عيد للأم ولا يوجد عيد للأب ؟ فأجاب الطّفل ولكن ياأبي أنتم معكم سورة في القرآن الكريم . فقال الأب مستغربأً أيّ سورة يابني ؟ قال الطّفل وبكلّ براءة : تبّت يدا أبي !! . فالطفل لم يفهم من السورة إلا كلمة (أبي)
إستمع جيداً وضع نفسك على الحياد عند الإستماع أو القراءة فما القراءة إلا إستماع , إستمع جيّداً واتّهم نفسك بالجهل تفز بالغنيمة والمعرفة . وخذ من نصيحة الله في الإستماع والإنصات لقرآنه حجّة للإستماع , كن مستمعاً جيداً لكائن من كان وتمثّل قول أحدهم :
خُذ بعلمي ولا تركن إلى عملي ____ واقطفِ الثّمر ودعِ العود للنّارِ . ويظنّ بعض النّاس في قوله تعالى : ( ولا تنقصوا المكيال والميزان ... وقوله تعالى : وأفوا الكيل والميزان بالقسط ... ) إنّهما خاصتان بالمكاييل والبيع والشراء فقط . بل معناهما أشمل وأشمل يشمل الحياة كلّها من نيّةٍ وقولٍٍ وفعلٍٍ ولنأخذ مثالاً يفيدنا جميعاً في هذه المنتدى من مدراء ومشرفين وأعضاء وزوّار :
إذا قرأت موضوعاً لكاتبٍ ما سواءً كان معروفاً أو مجهولاً فادخل إلى الموضوع بحيادية كاملة وبموضوعية وذلك حتى يستقيم معك الميزان وافترض إنّ الموضوع لك واستمع جيداً فإن أعجبك الموضوع فلا تتردد في أن تبدي إعجابك وقل كلمة طيبة مثل : جزاك الله خيراً , أو أحسنت .( فلك فيها صدقة ) , وإذا لم يُقنعك الموضوع ولم تجد دليلاً أو حجّة أو فكرة تنقض بها الموضوع بأدب فسكوتك عنه لك فيه صدقة , وإذا لم يعجبك الموضوع ووجدت فيه عيباً أو نقصا وكانت عندك المقدرة على تقييم المواضيع فلا تتسرّع بكلمات مؤذية وجارحة أو تشجيع كاذب في طيّه سخرية واسلك جانباً ليّناً ومحبباً ومؤلفاً لا منفّراً , وخذ الحكمة من كتاب الله وذلك عند قوله تعالى : ( إذهبا إلى فرعون إنّه طغى , فقولا له قولاً ليّنا لعلّه يتذكّر أو يخشى ) . واستخدم عبارات موجهة برفق مثل : أحسنت ولكن لو استبدلت كلمة كذا أو فكرة كذا بفكرة كذا لكان أحسن . أو أنصحك بقراءة كتاب فلان سيفيدك في موضوعك كثيراً . أوعندي رأي آخر أضمه إلى موضوعك , وتقول رأيك بكل الحب والإخلاص . باختصار أوف الميزان بالقسط لا بالقَسط واتّبع السنة النبوية في قوله عليه الصلاة والسلام : ( سددوا وقاربوا وبشروا ) أو كما قال عليه الصلاة وأبلغ التسليم . وتذكر قوله صلى الله عليه وسلم : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ).
وليتذكر مدراء المنتديات ومشرفوها إنّ المنتدى كالنادي متاحٌ للجميع وإن أعضاءه وزواّره يتمايزون بالخبرة والعلم والمعرفة وليسوا كلهم من الكتّاب الجيدين وليأخذ المشرف دور الأستاذ والمربّي حينما يتطلّب الأمر ذلك , وذلك لكي نرقى بالمنتدى إلى الأحسن ولا يفقد زوّاره أو أعضاءه ولنتذكر قوله تعالى : ( ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمةً طيّبةً كشجرةٍ طيّبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ) , صدق الله العظيم.
ولا بأس أن يُفرد المنتدى باباً خاصاً للمشاركين غير المعروفين وللمبتدئيين أمثالي .
كماارجو أن لا يُفهم من كلامي السابق إنني أدعو الشباب إلى الإستماع لأصحاب الطّوائف والمذاهب المنحرفة فهؤلاء الشباب عليهم بالتلقي أوّلاً والتعلّم الصحيح من الأبواب الصحيحة من الكتاب والسنة . فإذا ما وصلوا إلى سنّ الأربعين وصار بإمكانهم التمييز بين الصحيح والمدسوس من السمّ بين الدّسم , فهنالك يمكن أن يستمعوا ويتابعوا حتى يستطيعوا أن يردّوا ويذودوا عن الحق وهم على بصيرة وعلم . وأشدد على سنّ الأربعين وليس قبل ذلك , وهذا لا يعني أنّه من كان قبل سنّ الأربعين سيقع فريسة سهلة لتلك الفرق مع إنّ هناك نسبة منهم فعلاً يقعون فريسة لهؤلاء الضالين , إنّما أقصد إنّ الحكم الصحيح والمبني على الحجة والدّليل وحسن الدّفاع عن العقيدة والإسلام لا يتم إلا بعد أن يتم نضوج العقل واكتماله . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم حتى إذا بلغ أشدّه وبلغ أربعين سنة قال ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلى والديّ وأن إعمل صالحاً ترضاه وأصلح لي في ذرّيتي إني تبت إليك وإني من المسلمين صدق الله العظيم
والله من وراء القصد
والحمد لله رب العالمين .
علي الهتاري .
| |
|
أبو محمود مدير المنتدى
عدد المساهمات : 4454 18/07/2009 العمر : 56
| موضوع: رد: لتكن مستمعاً جيداً الإثنين 24 يناير - 22:55 | |
| | |
|