أحمد : آلا تأسى لحال المصادر الثلاثية ؟
البلبل : وما بها؟
أحمد : ما بين فعال الممتنع عن الجلوس مع إخوته ، وفعيل الدال على حرفة ، فهو ينتقل مابين الصناعة والتجارة والزراعة ، ألا يصبر على واحدة ليتمكن منها ، ويا أسفى لحال فعلة وما به من ألوان مثل : حمرة وصفرة وزرقة ، وكم يعتصر قلبي لحال فعيل فهو في سير مستمر من رحيل وغيره ، ربما يشكو من الغدة الدرقية فأصحابها لا يعرفون الجلوس ، وكم هو مؤسف حال فعلان المضطرب فهو في غليان وكأن عقله في طيران ، واللهم أرفع عن فعيل وفعال ما به من أنين وصداع ، واأسفاه لحال فعيل أو فعال والأصوات التي تصدر منه من صهيل وعويل وصراخ .
البلبل : ومن قال لك أنهم في أسى وحزن ؟ أنت حكمت بالمظهر العام ولم تقترب منهم .
أحمد : إنه منظر يعبر عن التباعد والانشغال عن بعضهم البعض، فكم أخشى عليهم حظوظ النفس التي تفرق الأسر وتفتت المجتمع ، وتخالجني الآن قصيدة طاهر زمخشري موجهها لنفسه وإن كنت للأسف أتذكر معانيها فقط :
" إيه يا نفس إلى الله أنيبي ثم توبي ولتحذري يا نفسي وسواس الشيطان بل اذكري الله ليغفر لك فهو علام الغيوب . "
البلبل : نعم ، ما أجملها ! لنعلم أنفسنا تسبيح المولى والصبر والشكر، ولا نجزع عند المصائب بل نذكر المولى .
أحمد : ويحذر النفس مرة أخرى من الشيطان ، ويذكرها بالاستغفار .
البلبل : وما أعذب قوله : عندما طلب العون من الله مشبهًا ضميره بالإنسان الذي يصرخ ويصور فؤاده وهو يخفق .
أحمد : ثم يذكر لهفته وجهله بمصيره ، لذلك يطلب الهداية ، وأن يبارك له في سيره .
البلبل : ما أجملها من قصيدة يصور فيها الشاعر خلجات النفس ويحذرها من وسواس الشيطان .
أحمد : لقد ذكرت في حديثك وسواس كأنه من المصادر الثلاثية ألف الله بين قلوبهم.
البلبل : كل المصادر الثلاثية في ألفة ومحبة وجميع جيرانهم يشهدون بذلك ، ولكن يبدو أنه يعجبك الوجه الحسن والأثاث الدثر وجلسات السمر ، فإلى المصادر الرباعية .