علي الهتاري
عدد المساهمات : 22 24/12/2010 العمر : 67
| موضوع: تجربة شهرين في المنتديات الثلاثاء 8 فبراير - 12:14 | |
| [size=12]بسم الله الرحمن الرحيم
أللهم اجعلنا في أحسن ما جئتنا به من الحق بإذنك
قد تبدو تجربة شهرين في المنتديات الإسلامية وغيرها غير كافية لعمل تقييم لهذه التجربة , ولكني رأيت إنّ من واجبي كتابة أثر هذه التجربة على نفسي وذلك لغرض الإستفادة ولتجنّب الأخطاء التي وقعنا فيها .
صحيح أنا لم أقرأ كثيراً من المشاركات وهذه أحد عيوبي ولكن لي عذري ومنها انشغالي بعملي ولكثرة المنتديات التي شاركت فيها وهذا أحد أخطائي , إلا إنّ العبرة عندي , ليس كم قرأتُ ؟ ولكن كم وعيتُ ممّا قرأت ؟.
ومع ذلك فهذين الشّهرين كافيين لإستكشاف أخطاء عامّة وأخطاء خاصّة , لذلك أرجو أن تتقبلوها منّي بحسن نيّة ولو ارتفعت فيها لهجتي قليلاً .
شاركت في عدّة منتديات بنفس مفتوحة وبكلّ براءة وحسن نيّة ودخلت وكلي حب للجميع لا أكنّ كرهاً لأحد كائنا من كان ففوجئت بأشياء غريبة لم أعهدها ولم أكن أعلمها علم يقين عن الطّائفية والمذهبية والتعصّب الدّيني وتشوّهت برائتي وحسن نيّتي , ورأيت نفسي على وشك السقوط في هاوية من الكره والأحقاد والتّعصب وأدفَعُ لها دفعاً.
قرأت في المنتديات مواضيع لبني جنسنا يندى لها الجبين حتى إنّي تصوّرت بعدها إنّ إبليس صار عاطلاً عن العمل لا يجد ما يعمله وقد أعفِيَ من عمله لأنّه صار ( دقّة قديمة ) ولا يفهم في فنون المكر والخداع والسّب والشّتم شيئا , وقد أخذ بعضهم مكانه قسراً , وتصوّرت لو أن إبليس كان ظاهراً لقتله بعضنا ليأخذوا مكانه , بل أظنّ إنّ بعضنا يعتبر صراحة إبليس وتحدّيه لربّ العالمين بعدم السجود نوعاً من السّذاجة وتصرّفاً خالٍ من المكر والدّهاء , فلو أنّ الأمر كان لهم وهم لا يريدون السجود فلن يلجؤا إلى الصّراحة والوضوح بل سيلجؤا إلى المراوغة والتّظاهر بالسّجود ولسان حالهم يقول : مشّّي حالك , ربّك كريم !!.
أمّا بخصوص ما اكتشفته في بعض المنتديات ما يلي :
بعض هذه المنتديات سمح لنفسه بالتّجسس على أعضاءه .
وبعضهم سمح لنفسه بإرسال رسائل إختبارية إلى البريد الإلكتروني التابع لي مثل " كيف تفتح المواقع الممنوعة "
وبعض هذه المنتديات تعرض مواضيعاً لا يصحّ عرضها ولكنّها تعرضها نكايةً في بعض المنتديات الأخرى ليس إلا .
أمّا ما كان من بعض مشرفيّ المنتديات وبعض الأعضاء المشاركين ما يلي :
فبعضهم نصّب نفسه رقيباً على كل مشارك جديد مبيّتاً سوء النيّة في القادم الجديد فهو في نظره عدوّ فاسد العقيدة والرأي إلى أن يثبت العكس .
وبعضهم ليس له مهمّة إلا تتبع أخطاء الآخرين فلا يقرأ موضوعاً إلا بحثاً عن الأخطاء بصرف النّظر عن الموضوع وأهميته .
وبعضهم يصفعه عنوان الموضوع فيعتمي فيصدر حكماً مسبقاً , ثمّ يقرأ الموضوع بسرعة وبدون تروّي ثمّ يرد بأقسى العبارات التي تنمّ عن نفسٍ مريضة .
وبعضهم يقرأ الموضوع فإن لم يجد ذكر لشيخه في الموضوع فالموضوع سِقطْ أو خداج وإن كان الموضوع دُرراً من الكلام , فتراه يغضب للشّيخ لأنّك لم تقل ما قاله الشيخ , فهم توهّموا إنّ كتاباتنا جاءت لتعارض الشيوخ الذي أكنّ لهم كلّ الإحترام والتقدير , وإن كان لنا بقية من فضل علم فهو ممّا نهلناه من بحر علومهم سواء منهم القدماء أو السلف القريب .
وبعضهم لا يرى إلا ما رأى الشّيخ فإن قلت له : إنّ الشّمس تشرق من الشّرق يجيبك قائلاً : نعم ولكنّ الشيخ لم يقل ذلك , فالشّيخ يرى ما لا أراه أنا ولا أنت , فلبّسوا الشّيخ في موضوعٍ ما حلّةً لا يراها الا الأذكياء وصاروا وكأنّ الحقّ لا يبهتهم, متمثلين قول الشاعر : إذا قالت حذامِ فصدّقوها – فلبّ القول ما قالت حذامِ .
وبعضهم إتّهم الله بالعجز من حيث لا يشعرون فقالوا : ليس بالإمكان أحسن ممّا كان , ولن يأت الخلف بأحسن ممّا أتى به السّلف . حتّى في التّفسير أو الفقه أو البلاغة , ولو حتى في جزئية بسيطة فقيّدوا القرآن والتفسير والسنّة بما وقف عنده شيوخنا الأجلاء .
وبعضهم سمح لنفسه بالتعدي والإجتراء بسوء الأدب على الشيوخ وبالإسم دون خجل أو حياء لا لشيء إلا لأنّ الشيخ قال رأيه بكلّ صراحة في موضوع ليس في الأصول ولا من فروع الأصول , وكأنّ الشيخ ما هو إلا ذلك الرأي . وهذا عيب فكيف نقطف منهم الثّمار ثمّ نرميهم بالنّوى والأحجار .
وبعضهم لا يرى الحقّ حقاً إلا إذا جاء من الباب الذي ارتضى ولو كان غير صحيح , وذلك لأنّ الشّك ملأ قلوبهم بأنّ ما وراء هذا الحقّ الآتي باطلٌ مغلّفٌ بحقٍ فأغلقوا عقولهم وطمسوا أبصارهم وبصائرهم . الله يهدينا ويهديهم .
ورأيت في بعض هذه المنتديات حقداً وكراهية للآخرين ممن ليسوا هم على مذاهبهم إلى حد إنّهم لا يتمنون لهم الهداية , وهذا خلق خطير يؤدّي بصاحبه إلى الجحيم دون شعور ووعي ولو كان مذهبه هو الصّحيح , فما لم تكن الرّحمة والمحبّة لأياً من كانت ديانته أو مذهبه هي الدّافع للعمل الدّعوي فقد حبط العمل , فنحن لا نكرهُ أحداً ولكننا نكره أفعالهم ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلّم أسوة حسنة .
وبعضهم رصد نفسه للسبّ والشتم والكره ولا يتمنّى لأحدٍ الصلاح أو الهداية لأنّ في ذلك تعطيل لعمله فسيموت إن لم يُنفّس عن حقده وبغضه . فهو يزرع حقداً وبغضاً وإن كان على حقّ أحياناً .
وبعضهم يرى في استخدامك أساليب بسيطة وكلمات خالية من التعقيد في شرح أفكارك إنّك لست لغوياً ولا تفهم في اللغة شيئاً ونسوا إنّ لنا في القرآن والأحاديث سنّة , وما اللغة إلا توصيل المعاني بأقصر الطّرق , فما تنفع فيه الإشارة فلا داعي للكلمة , وما تجدي فيه الكلمة فمن الرّكاكة توصيله بالجملة وهكذا .. , على أنّ هناك من المعاني ما لا ينفع في توصيله إلا بالإطناب والتّكرار أو التوكيد وغيرها من أساليب البلاغة ومحاسنها اللغويّة , وتخيّل معي لو أنّ القرآن أو الأحاديث جاءا على كلمات وأسلوب الجاهلية أو على أسلوب الأديب مصطفى صادق الرافعي رحمه الله أو حتى على أسلوب بعض الجامعيين الذين يرون في تصعيب الأسلوب نوعاً من البلاغة والدّراية , كم سنعاني لكي نفهم القرآن أو الحديث , وإنّما جُعل ذلك لتكتمل علينا الحجّةُ , فأنت عند أيّ كتاب لم تفهمه تستطيع أن تقول إنّك لم تفهمه ولكنك لا تستطيع أن تقول ذلك عند القرآن والأحاديث وذلك مصداقا لقوله تعالى : " ولقد يسّرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر " فالحمد الله على ذلك .
بقي أن أتكلّم عن الكنى والألقاب والشّعارات والتوقيعات فمن متّخذٍ لقباً أوشعاراً يوحي إليك بالكبر والعجب وآخر موغلاً في التّواضع إلى حدّ الإبتذال وآخرون وسطيّون وآخرون زكّوا أنفسهم بشعارهم وتوقيعهم , ومنهم شعارات وتوقيعات مضحكة مثل " شمس الشّموس " أو " يا أرض إنهدّي ما عليك أدّي " أو بما شابه بالمعنى والوصف , ومنهم إتّخذوا من الآيات القرآنية تواقيعاً لهم حتى صار الأمر مجرّد موضة , ولم أجد في ذلك كله حكمة أو فائدة , ما به الإسم الصّريح الصّادق ؟ فإن قلت : هو من باب إخفاء الصّدقة , فليس هنا بابه فأنت هنا تأخذ وتعطي وربما أخذت أكثر ممّا تُعطي , إلا إذا أردت أن تأخذ حرّيتك بالكلام دون أن يعرفك أحد من معارفك وهذا يعني أنّ هناك ما تستحي منه .
وصدّقوني ما رأيت في هذه المنتديات من عيوب إلا بمجرد الصّدف .
وما عرضت ما عرضت هنا للتّشهير أو السّخرية بل لوجه الله تعالى وللنّصيحة والحذر لا غير .
ولا أدّعي إنّي لم أخطىء فقد إنتابني بعض التّعصّب لأفكاري أحياناً فما أنا إلا بشرٌ خطآء , أخطئ فأعتذر , وأذنب فأستغفر , ومن رأى إنه ما أخطأ و ما أذنب أبداً فهو في نظري أحد الإثنين التاليين :
إمّا ملكٌ كريم من الملائكة وهؤلاء قد شرّفني الله بسجودهم لي وأنا الخطّآء.
وأمّا من الصّنف الآخر الذي أبى واستكبر .
أخيراً أقول لإخواني الذين هم دون سنّ الأربعين لا تستعجلوا بالردود على المواضيع ولا حتّى تكتبوا مواضيع جديدة من إبتكاراتكم أقصد المواضيع الحسّاسة فالإنسان منّا كالنّخلة أو كشجرة الزيتون لا تؤتي الثّمار إلا بعد أن تنضج الشجرة ذاتها , ولنعلم إنّ مراحل العلم خمس هي : تلقّي ثم تعّلُم ثمّ تقليد ثمّ نقد فابتكار .
فمرحلة التّلقي والتّعلم تمتد من الطفولة المبكّرة حتى سنّ الثّلاثين , ثمّ تأتي مرحلة التقليد وتمتد من الثّلاثين إلى الأربعين , ثمّ تأتي مرحلة النقد والتّقييم وهذه تبدأ من بعد الأربعين وفيها يكون العقل قد نضج تماماً فيستطيع أن يقيّم المواضيع وينتقدها وغالباً ما تكون أحكامه صحيحة في هذه المرحلة , وهذه المرحلة لا نهاية لها طالما هناك نفس يتردد وعقلٌ يفكّر, ثم تأتي مرحلة الإبتكار والإختراع والإكتشاف , ولا تتأتى هذه المرحلة إلا للقليل النادر , وهي خاصّة بالعلماء ولمن فتح الله عليهم بالعلم والمعرفة ظاهرةً كانت أو باطنة , دينيّةً كانت أو دينيويّة .
وهذه قاعدة عامّة ولكلّ قاعدة شواذ .
وأخيراً :
كنتُ أودّ الإستمرار معكم وأشارك بمواضيع مفيدة في التّفسير والبيان والبلاغة أحجمتُ عن المشاركة بهم سابقاً حتى أستخير الله , واستخرتُ الله فَمُنعتُ بما مفاده " ليس الإنترنت هو المكان المناسب لنشر ما معي " فامتنعتُ ولم أجد بُداً من الإنصياع لجواب الإستخارة , فما ضلّ من استخار ولا خاب من استشار .
إلا إنّ هذا لا يمنعني من المشاركة بمواضيع أخرى خارجة عن الثلاثة المذكورين سابقاً .
والله من وراء القصد .
علي الهتاري
[/size] | |
|